هل أصبح حالنا هكذا و فجأة و بدون أي مقدمات حال لا ترى فيه و لا تشعر إلا بما يضيق الصدر و النفس
عطلنا من خلاله حواسنا و مشاعرنا بل حتى أعطينا عقولنا إجازة مفتوحة عن التفكير و عرض الآراء و الأفكار
و حولنا عقولنا من أداة تفكر و تدبر ميزنا بها الله عن غيرنا من المخلوقات إلى قطعة أرض تصلح للاستثمار

لم أجد أي مدخل للموضوع الذي أريد التحدث عنه اليوم هنا غير المقدمة التي كتبتها في الأعلى و عنوان الموضوع
لأنه في الفترة السابقة و خصوصاً مع إعلان شركة فلاش زيارة مغنية البوب الأمريكية مادونا لإمارة أبوظبي
اكتشفت بأن بعض المواطنين مع الأسف الشديد استحلوا أفكارهم و هجروا عقولهم و وكلوا غيرهم بالتفكير عنهم
بل حتى أجروا أفواههم و لوحات مفاتيحهم و هواتفهم المتحركة على غيرهم ليس كسباً في المال بل لعدم التفرغ

مع موضوع مادونا لا أعرف من أين ابدأ لأني أجد نفسي واقفاً بين سندان و مطرقة كلاهما أشد ألماً عن الآخر
لكني و كما تعودت و لأنني لست ممن يعرض قلمه و لوحة مفاتيحه و فكره للإيجار سأسترسل بدون أي توقف
و سأدون الأفكار كما تخرج بدون التمعن في طريقة طرحها أو جماليتها لأن موضوع الحديث اليوم ذو شجون

مع الإعلان عن موعد زيارة مادونا تعالت الأصوات و تداخلت فلم تعد تميز الحبيث منها من الطيب و الحريص
فأصبح هذا يتحدث عن مادونا و يستنكر قيام شركة فلاش بجلب مادونا صاحبة الحضور المثير للجدل لأبوظبي
و قام الآخر بالتحدث عن الفسق و المجون و المنكر التي ستجلبها مادونا على أرض البلاد و ستنشره بين العباد
و قام ((فريق)) بربط هذه الحفلة الغنائية مع ما يحدث في سوريا من قتل و تعذيب مدعياً بأن مادونا أتت لأبوظبي
و ستغني فيها و سترقص بدون أدنى اعتبار و تفكير لجراح أشقائنا هناك و بدون أي احترام لمشاعرهم وآلامهم
و غيرها العديد من وجهات النظر التي تستحق الاحترام لأنها تعبر عن أصحابها و من حقهم علينا أن يُسمعوا

لم أشأ التحدث عن مادونا عندما أنطلقت بعض الأفكار من بعض الجماعات عند موعد إعلان زيارة مادونا
لأنني و كما قلت بين سندان و مطرقة فآثرت حينها الصمت و الجلوس على مقعد المتفرجين لرصد ما يقال بشأنها
و من خلال جلوسي على مقعدي الذي سحبته بعيداً عن ((معترك)) الآراء و وجهات النظر و ((الأفكار)) المطروحة
وجدت بأن هناك رأياً تشم منه رائحة تزكم الأنوف و تسمع من خلاله صفير إناء طبخ أجندة حق يراد بها باطل
طبعاً لم يجد ((أصحاب)) هذا الرأي أفضل من هذا التوقيت ((ليتراقصوا)) من خلاله على جراح شعب سوريا
و جسدوا في قضية مادونا عجلاً له خوار و قالوا لبعض أصحاب العقول هذا رأيكم فأطيعوا لنا و أنصتوا
و مع شديد الأسف قاموا أصحاب تلك العقول بتأجير عقولهم لهؤلاء و انجرفوا خلفهم بدون أي استقلال فكري

لم يكن المحزن في معارضة هؤلاء لخلفة مادونا بل كان موقفهم السلبي في التعاون مع يخبأ الشر في الخير
و ترديدهم لمقولاتهم و إعادتهم لتغريداتهم فمثلهم كان كمن يحمل أسفاراً لا يدرك خطورة ما يحمله و يردده
و مع رحيل مادونا اتمنى من أصحاب تلك العقول بأن لا يؤجروا عقولهم لأفكار تم تعليبها مسبقاً من قبل أشخاص
هم يتحينون الفرص و المناسبات لتمرير أجنداتهم لغاية في أنفسهم و كانت تلك العقول المؤجرة الوسيلة فقط لا غير